من ذاكرة مدينة اليوسفية
الغد نيوز قرنوف محفوظ
“واخ شافوني ساكت”…. لازمة جميلة من أغانينا المحبوبة في زمننا ….أصبحت شعار رجل المواقف، صديق البؤساء و رفيق البسطاء، انسان شعبي …متواضع، متشبع بثقافة المواطنة الحقة، مناضل سياسي انخرط بكل ذاته في العمل الإجتماعي والثقافي، بكل صدق وأمانة…..سي صالح قرنوف، (كما كنا نناديه) مناضل سمعت عنه الكثير، وأنا طالب أشق طريقي، في مجتمع يعيش احتقان سياسي وغليان سنوات الرصاص واعتقالات الرأى….و شاءت الصدف أن نلتقي ونعمل معا.
سي صالح هو والد صديقنا قرنوف محفوظ، وهو الإبن الأكبر للحاج قرنوف الأب، الرجل المقاوم والمواطن الوفي، الذي كنا نسمع عنه حكايات ونوادر طريفة، جمعته بأعيان المخزن، وما أدراك ما المخزن…في زمن لا شئ ” يتخزن..”
كان يشتغل بمكتب الفوسفاط “كثقني الإختصاص”، مسؤوليته ظبط مقاييس المساحات للتنقيب عن “التراب”، ثروة مدينة السواعد الكادحة….، ولكن ميولاته الإجتماعية والسياسية كانت أولوياته.
هكذا تعرفت عليه أكثر، عند التحاقه بالمصالح الإجتماعية لمكتب الفوسفاط واكتشفت فيه…..الإنسان الطيب….البشوش …صاحب الإبتسامة الدائمة، المناضل و المثقف السياسي المؤمن بمبادئه…لا يبخل بخدماته وممتلكاته المتواضعة، يتقاسمها مع الجميع …لا تفارقه الابتسامة وخفة الروح، حتى في الأوقات العصيبة، حيث ينتصب….رافعا صوته عاليا…ليعبر عن كلمة حق…يفضح بها جشع التماسيح و يساند الطبقات المظلومة….مدافعا بشراسة عن حقوق المظلومين.
عملنا سويا في مجال تأطير الشباب وتكوينه، و اشتغلنا جنب إلى جنب في كل التظاهرات الثقافية والرياضية…واستمتعنا بتماه وفخر كبيرين، ونحن نشارك في تنظيم اول مهرجان سينمائي وطني بالمدينة، “مهرجان السنمائيين والروائيين”، بحضور نخبة كبيرة من الفنانين و الأدباء كتاب الرواية، تابعه جمهور غفير كان في مستوى الحدث و ترك صدى كبيرا على المستوى الوطني، ولكن لسوء الحظ، سرق منا و نقل لمدينة فوسفاطية نائية، بعد ترسيخه باسم القارة.
فترة جد قصيرة… جمعتنا….قصيرة جدا…اشتغلنا فيها سويا…كانت غنية وممتعة…..ولكن القدر شاء… شاء ما شاء،
هي مشيئة الرب…. ورغم ذلك….. كنا في كل زيارة نقوم بها لمنزله، وهو في فترة نقاهة، يستقبلنا بابتسامته المتفائلة ودعابته المعهودة…مرحباومرددا بلكنته الحمرية شعاره المشهور ” واخ شافوني ساكت”…..
ارقد بسلام أخي صالح، لقد صمدت و ضحيت بالكثير من اجل خدمة هذه المدينة الطيبة، و ناضلت بكل حب وتفانى ……لا تحزن فما زال هناك شرفاء يحدون حدوك، يحاربون ويشتغلون بوفاء وجدية من اجل رفع الحيف والتهميش عن هذه المدينة المعطاء.
نم قرير العين…ففي هذا الشهر المبارك الفضيل، أبنائك وأحفادك …أصدقائك واخوانك…جميعهم يدعون لك بالرحمة والمغفرة و بالجنة…جنة الفردوس مع الصالحين والطيبين والشرفاء….أمين.
كتابة المسرحي سمحمد التويجر